في قلب غزة، أعيشُ أنا، خالد محمد، قصةً تجمع بين الألم والأمل. أنا أبٌ لخمسة أطفال، أربعة أبناء وابنة، وهم نبض حياتي وهدفي الأسمى. وسط الصراعات والحروب التي تحاصرنا، فُرضت عليَّ مسافات طويلة بيني وبين عائلتي، التي أصبحت الآن في مصر بعد أن عبرت الحدود بحثًا عن الأمان.
كانت الحياة مليئة بالصعوبات والتحديات بالنسبة لي، حيث واجهتُ العديد من المواقف القاسية واضطررت إلى اتخاذ قرارات مصيرية، مُضحّيًا بكل ما أملك من أجل تأمين سلامة أسرتي. دفعتني الظروف إلى الاختيار بين أحلامي وطموحاتي وبين حماية أولادي وتأمين مستقبلهم، فكان الخيار واضحًا: سلامة الأسرة أولًا.
قصتي ليست قصتي وحدي، بل هي قصة كل أب يتمنى الأمان لعائلته، وحلمي هو حلم كل من يريد أن يعيش بكرامة وأمل.
اتخذتُ قرارًا شجاعًا بإرسال أطفالي وزوجتي إلى مصر، رغم أن ذلك كان يعني فراقهم وتحمل تكاليف تفوق إمكانياتي. جمعت مدخراتي التي وفرتها طوال سنواتٍ من العمل، لكنني وقعت ضحية احتيال قاسٍ، حيث خسرتُ 32,000 دولار على يد رجل مصري ادعى أنه منسق قادر على تسهيل خروجنا سريعًا. بعد تلك الخسارة، بعتُ كل ما تبقى لديّ من ممتلكات وثروات شخصية، لكن لم أتمكن من تأمين المبلغ الإضافي البالغ 13,000 دولار الذي كان ضروريًا لي للعبور مع عائلتي.
رغم قسوة الفراق، نجحتُ في ترتيب عبور عائلتي عبر معبر رفح، بينما بقيتُ هنا في غزة أواجه تحديات جديدة، مثقلًا بعبء الفقدان والأمل الذي لا يفارقني بأن نجتمع قريبًا في أمان.
ساعدوني في إعادة الإنسانية إلى معناها الأسمى، فقصتي هي نداء لكل قلب رحيم ولكل يد تمتد لدعم أب يحلم بحياة كريمة لعائلته.

صور أثناء السفر عبر معبر رفح.
وتتوالى الأحداث بسرعة، حيث اقتحمت القوات مدينة رفح بعد أيام قليلة من رحيل عائلتى، ما أجبرنى انا وشقيقى على الفرار إلى مواصى رفح.

أثناء النزوح كنت أنا وأخي من تل السلطان، وقصف خلفنا.
وعلى عكس ما كنا نأمل، وجدنا أنفسنا وسط فوضى عارمة تحيط بنا من كل جانب. اشتدت الصعوبات، وازدحمت الأماكن، وأصبح الجميع يبحث عن ملجأ آمن يقيه الخطر. امتزجت المشاعر بين الحزن والقلق، وترددت في الأرجاء تساؤلات ملحة: "إلى أين المفر الآن؟".
أنا خالد، وسط هذا الزخم والخوف الذي يتقاسمه الجميع، شعرت بارتياح نسبي لأنني تمكنت، ولو بصعوبة، من ضمان وصول ابنائى و زوجتى . أحبائي إلى بر الأمان. في المقابل، هناك الكثير ممن لم يُكتب لهم ذلك. وجوه الحشد محفورة بالخوف؛ كبار وصغار يعانون على حد سواء. هنا أم تبكي على ابنها المفقود، وهناك طفل يتوسل الحماية وسط صرخات تتعالى. وعلى الجانب الآخر، شخص أصابه الصمت، يئن داخليًا دون أن ينطق بكلمة.
مع كل خطوة كنت أتمسك بأمل النجاة، وسط الدمار والهلع. التفتُّ حولي، فرأيت امرأة ضائعة، تتفحص الوجوه بعينين قلقتين تبحث عن ابنها. كان الجميع يسير نحو المجهول بخطوات مترددة، تتخللها نوبات من الفزع والترقب. مشاهد قاسية تجسد عمق الألم الإنساني ووقع الكارثة على الجميع.

الصور في مواصي رفح.
لم يكن أمامى انا وشقيقى خيار سوى الانتقال إلى مواصى خان يونس.

صور أثناء النزوح.
بعد أيام طويلة من التنقل والنزوح، استقررتُ في منطقة المواصي بدير البلح، حيث وجدت مكانًا يبدو آمنًا نسبيًا وسط الفوضى التي تحيط بنا. "لم يكن أمامي أي خيارات حقيقية"، هكذا كنت أفكر، فبدأت في جمع كل ما أستطيع من مواد بسيطة لبناء خيمة تكون بمثابة مأوى لي واخى . كانت الخيمة ضعيفة ومتهالكة؛ لم أكن متأكدًا إذا كانت ستصمد أمام برد الشتاء القادم أو تحميني من إطلاق النار العشوائي الذي لا ينتهي. لكن كل ما كان بوسعي فعله هو التمسك بما لديّ، والتحمل على أمل أن أتمكن من تخطي ما قد يأتي.

مأوى مؤقت في خيمة هشة بعد النزوح.
في تلك الأثناء، كانت أسرتي في مصر تواجه صعوبات مالية شديدة، حيث نفدت أموالهم تمامًا. لم أتوقع أن تستمر الحرب كل هذا الوقت، مما جعل تأمين احتياجاتهم الأساسية أكثر صعوبة. أطفالي، رغم صغر سنهم، لم يتمكنوا من دفع الإيجار أو تلبية متطلبات الحياة اليومية، فاضطروا للعمل في سن مبكرة لمساعدة الأسرة على البقاء. رغم الظروف القاسية، تمكنوا من العثور على منزل قديم متهالك بإيجار رخيص في حي شعبي، لكنه كان في حدود إمكانياتهم المحدودة.

صور أطفالي أثناء فترة عملي في مصر.
وهذا فيديو أرسلته لي زوجتي عن الحالة التي وصلوا إليها، ويظهر حجم المعاناة.
تمسكُتُ بالأمل في البقاء على قيد الحياة من أجل أبنائي، فكوني العائل الوحيد لهم كان يجعلني أضع كل قوتي في حماية مستقبلهم. لكن هذه كانت تجربتهم الأولى في السفر، ولم يكونوا مستعدين لمواجهة عالم جديد وغريب عنهم. فجأة، وجدوا أنفسهم مجبرين على الاعتماد على أنفسهم في سن مبكرة، مما أضاف عبئًا ثقيلًا على أكتافهم الصغيرة. كان صقر في التاسعة من عمره فقط، وفارس في الحادية عشرة، وملك في الثالثة عشرة، ومحمد في الرابعة عشرة. في هذه الأثناء، كانت زوجتي تشعر بقلق عميق وتوتر شديد بشأن مصيرنا، لكنها عملت بلا كلل لضمان استقرار الأسرة في مصر، رغم كل الظروف الصعبة التي كانت تواجهها.

صوري وأنا أتواصل مع أبنائي عبر الإنترنت أثناء تواجدهم في مصر.
بينما كانت ذكريات الأيام السعيدة في رفح تراودني باستمرار، كنت أسترجع كيف كنت أملك عدة عقارات وأؤجرها، إلى جانب مجموعة من المحلات التجارية التي كنت أُديرها، مثل محلات الملابس النسائية ومستحضرات التجميل وتبديل العملات. كانت تلك أيامًا مليئة بالأمل والعمل الجاد، حيث كنت أتمتع بحياة مستقرة وأشعر أنني أحقق تقدمًا في كل يوم. كانت حياتي في رفح مليئة بالفرص، وكان لدي أمل دائم في المستقبل، لكن كل شيء تغير بسرعة مع تصاعد الأوضاع.






ذكريات أطفالي وممتلكاتي التجارية قبل الحرب.
ولكن كل شيء تغير الآن. فقد خسرتُ كل شيء، لكنني كنت أكثر حظًا من كثيرين؛ إذ تمكنت من جلب أطفالي إلى بر الأمان في مصر. ورغم الصعوبات المالية التي واجهناها هناك، فقد منحنا ذلك شعورًا أكبر بالارتياح، حيث أدركنا أننا في مكان أكثر أمانًا. ومع ذلك، ورغم الأمان النسبي الذي شعرنا به في مصر، إلا أن قلقي لم يتوقف عنهم. كانت التحديات اليومية التي يواجهونها، والأيام الطويلة التي يقضونها في العمل لتأمين احتياجاتهم الأساسية، تثير في نفسي الكثير من الهموم. ما زلت أشعر بالحزن على الأيام السعيدة التي ضاعت، وعلى تلك الأيام الهادئة التي كانت تجمعني بأطفالي في غزة، قبل أن يغير كل شيء.


قبل وبعد منزلي ومتاجري
ظللتُ مصمّمًا على المواصلة ، مؤمنًا بأن الغد يحمل فرصة جديدة لي ولأسرتي. كنتُ أعيش على أمل اليوم الذي سأجمع فيه أفراد عائلتي من جديد، ونعود إلى حياة مستقرة وآمنة، بعيدًا عن مشاهد الحرب والدمار التي أثقلت حياتنا.
إن هذه الحملة لجمع التبرعات تمثل منارة أمل في ظلام الظروف التي نعيشها، وهي الأمل الوحيد الذي نتمسك به. أناشد العالم أن يسمع صرختي وصرخة عائلتي الحزينة. نحن بحاجة إلى يد العون لمسح دموعنا وبناء جسر إلى بر الأمان.
تبرعك ليس مجرد هدية؛ بل هو فرصة لإعادة بناء حياة جديدة لنا ومستقبل أكثر إشراقًا. كن جزءًا من قصتنا المليئة بالأمل، فنحن بحاجة إلى دعمك لنبدأ من جديد.
غرض حملة جمع التبرعات
الهدف من هذه الحملة هو إنقاذ عائلتي - زوجتي وأطفالي الخمسة - من مستقبل قاتم في مصر، من خلال:
سداد الديون المتراكمة على زوجتي لتغطية الإيجار.
تسجيل أبنائي في المدارس في مصر، حيث لم يتمكنوا من الحضور خلال العامين الماضيين.
توفير حياة كريمة لهم، كما كانوا يتمتعون بها في السابق.
الحد الأدنى لتكاليف المعيشة الشهرية 600 دولار.
شكرًا لكم على لطفكم ودعمكم، جزاكم الله خيرًا .
مع خالص امتناني،
خالد